رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف لعب أيمن نور والإخوان بالأستاذ الفريق سامي عنان؟!


من علامات رضا ربنا على عبده، عبدالفتاح السيسي، أن سخّر له معارضين «ولا أقول منافسين» من هذا النوع، الذي استطاع مبتدئ أو تلميذ «بلغة المصاطب» أن يلعب به «الكورة»، و«يلعب ب» قد تعني يتولى تدريبه لينافس به، ولا تعني بالضرورة استخدامه بدلًا من «الكورة»!.

وأيمن نور، مبتدئ أو تلميذ فعلًا، ولو أردت أن تعرف مفاتيح شخصيته وطريقة لعبه، أعد مشاهدة الجلسة التي ناقش فيها محمد مرسي العياط أزمة سد النهضة مع عدد من المحسوبين خطأً على السياسيين المصريين، والمعروفة باسم «قعدة الشيخ حسني»، إشارة إلى فيلم «الكيت كات» وتحديدًا مشهد النهاية الذي فضح فيه بطل الفيلم أهل الحارة جميعًا، دون أن يعرف أنه يتحدث أمام ميكروفون مفتوح! وأيمن نور كان نجم «القعدة»، واستنفدت تصوراته العظيمة رصيد سنوات من الضحك لدى كثيرين في شرق العالم وغربه!.

 

«إحنا محتاجين فريق عمل في إثيوبيا، سياسي، مخابراتي بجميع أشكال التعامل مع الواقع الإثيوبي، يجب أن يكون لنا دور فيه.. إحنا محتاجين نقيم اتصال وتأثير مباشر وتدخل في الشأن الداخلي، وأنا باقول الكلام عكس اللي المفروض كل الناس بتقوله، يبقى فيه تدخل في الشأن الداخلي، نقدر نسرب معلومات على سبيل المعلومات الاستخباراتية إن مصر تسعى لشراء نوع معين من الطائرات لتزويد الطائرات في الجو.. إن مصر تسعى إلى كذا هذا الضغط حتى لو لم يكن واقعي، لكن حايوّصل لنتيجة في المسار الدبلوماسي».

«قولي لها بقى إنه من الآخر، ابنك حايبقي بطل، عشان شغال مع الحكومة ومش حايهدا له بال إلا لما يلف حبل المشنقة على رقبة عزام الكلب.. ماشي.. آه بس باقول لك إيه، شددي عليها ماتجيبش سيرة لحد لانكشف».

 

الفقرة الأولى من «قعدة الشيخ حسني»، والثانية من فيلم «لا تراجع ولا استسلام» وبينما كان الميكروفون مفتوحًا، وعزمي «أو عزت أبوعوف» يسمع حزلقوم «أو أحمد مكي»، كان العالم كله يرى ويسمع أيمن نور وهو يتحدث عن خططه السرية المخابراتية الجهنمية، وكما ارتعدت فرائص «عزمي» ارتعدت بكل تأكيد فرائص كل الأجهزة والمؤسسات الإثيوبية وقالت «تبًا لهم، ماذا سيفعل هؤلاء القوم بنا؟! إن ذلك الفتى الذي يُدعى نور خطير جدًا، خطير للغاية»!.

تلك هي طريقة لعب غير المأسوف على شعره المزروع، وغير المكسوف من خدوده المحقونة بالـ«بوتيكس»: يلعب السياسة، وكأنه يلعب «كورة شراب» في الحارة المزنوقة. وحين انفض مولد الإخوان، وهرب متنقلًا بين جحورهم، حاول تشكيل فريق يلعب به أو معه، وأطلق على محاولاته كلمة «مبادرة». وظل يعلن عن المبادرات، واحدة تلو الأخرى، وكلما فشلت واحدة خرج بغيرها. وجراب الحاوي، كما قال مرسي العياط، مليان وحين يخرج لك منه حمامة، تقول تمام!.

ولو سألتني: ماذا يفعل المذكور هذه الأيام؟ سأقول لك إنه يحاول تشكيل فريق «كورة شراب» جديد، بعد فشل الفريق الذي قام بتشكيله منذ أسابيع، ولم تبق منه غير توابعه أو فضائحه، ومنها الفضيحة التي تورط فيها الأستاذ الفريق «سامي عنان»!.

وما حدث، هو أن أيمن نور انتقى، في نوفمبر الماضي، عددًا ممن يصفهم بـ«فرقاء ثورة يناير» ودعاهم للتوحد ضد الرئيس السيسي بتشكيل كيان سماه «الهيئة التحضيرية للجمعية الوطنية»، وفشلت المحاولة أو المبادرة بسبب رفض الإخوان التنازل عن «عودة مرسي».

هل يسكت؟!

أبدًا.. بل سعى للاستفادة من الزبائن، أو أعضاء الفريق، واستبعد ما كان محل خلاف، وقرر أن تكون نقاط مبادرته الجديدة عامة، مثل نبذ العنف ونبذ الكراهية ورفض التخوين، ولم يتطرق إلى تكوين تحالف موحد: كل واحد يلعب براحته!. وطوال أسبوعين، ظل يتواصل، بشكل فردي، مع عدد من الشخصيات المحسوبة على 25 يناير والمنتمين لجماعة الإخوان وجماعة «اللي مش إخوان بس بيحترموهم» و«اللي مش إخوان بس مركوبين منهم». ثم ضرب كل هؤلاء في الخلاط، وقرر أن يخرج بدعوته من الظلام إلى النور ومن السر إلى الجهر ومن بطن الزير إلى باعة الجرجير! ولأن «فيسبوك» و«تويتر» صارا موضة قديمة، قرر أن يضم «واتس آب» إلى أسلحة النضال، فقام بعمل جروب، ضم 250 شخصًا، وناقشوا معًا صيغة مبدئية، وبعد أن اتفقوا على الصيغة النهائية، تم نشرها في قنوات الإخوان ومواقعهم، وكانت تلك هي الصيغة التي تضمنت تشكيل لجنة من الحكماء والشخصيات العامة، تتكون من تسعة من بين الموقعين على ذلك «البتاع» الذي سموه «الميثاق»، على أن يعاد تشكيل تلك اللجنة كل ستة أشهر، وتكون مهمتها متابعة الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

بين الـ250 شخصًا، ضم «الجروب» أو المجموعة عددًا من الأسماء اللامعة أو «اللاسعة» كالإرهابي المعروف طارق الزمر، والدكتور المألوف حسن نافعة والمشتاق الملهوف حازم عبدالعظيم و«كام عيل» مهفوف من 6 أبريل، وعددًا من الإخوان على رأسهم محمود حسين، أمين عام الجماعة، وعصام تليمة، حامل «فوطة» القرضاوي. ومع هؤلاء وغيرهم، اندمج في النقاشات، على جروب «واتس آب»، شخص اسمه «سامي»، كان سهلًا على أي شخص في «الجروب» أو المجموعة أن يأخذ رقم تليفونه ويضعه على برنامج «تروكولر»، ليعرف أن صاحب الرقم هو الفريق «سامي عنان»!.

من هنا، وليس من مكان آخر، خرجت مواقع وقنوات الإخوان بالبشرى السارة، التي اهتزت لها القاعدة العريضة «والقاعدة غير المقعدة» وقالوا إن رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، يتواصل مع سياسيين مصريين في الداخل والخارج، عبر مجموعة إلكترونية على «واتس آب» تضم مئات المعارضين، غالبيتهم من تيار جماعة «الإخوان» وحلفائهم. واستخلصوا من ذلك أن المعارضين «أو من يوصفون بذلك» توافقوا على اسم «عنان»، كمرشح رئاسي لكونه من المنتمين إلى المؤسسة العسكرية، كحل واقعي يقنع الجيش المصري بالتخلي عن «السيسي»!.

 

ما علاقة سامي عنان بأيمن نور؟

السؤال طرحته زميلة لأيمن في النضال «وفي أشياء أخرى» اسمها «آيات عرابي»، لعلّك سمعت عنها أو شاهدت صورها وهي تناضل واستحقت عنها لقب «مناضلة الدندو»، وارجع إلى إعلانات رمضان الماضي، لتعرف معنى الكلمة إن لم تكن عرفت، فلن أتورط في الشرح ولن أتحمل مسئولية نيتك السيئة!.

المهم، هو أن المناضلة «آيات» أجابت عن السؤال بالآتي: «لا أحد يعلم على وجه التحديد، لكن الرابط الوحيد الممكن بينهم هو آل سعود الذين يعتبرون الأول وجهًا مقبولًا ويعطون الثاني مصروفه لينفق على قناة الشرق.. وأحلى من الشرف مفيش». ووعدت مناضلة «الدندو» متابعيها بالتوضيح، إن شاء الله، في منشورات قادمة!. والحقيقة، هي أننا لم نكن نحتاج إجابتها ولن ننتظر توضيحها. فالثابت هو أن علاقة اللاعب والملعوب به قديمة، ولا نتجاوز لو قلنا إنهما يتحركان بـ«ريموت كنترول» واحد، تستخدم اليد الممسكة به أداة اللعب نفسها، وأقصد البريطاني «ديفيد هيرست» وموقعه الإلكتروني الملاكي «Middle East Eye» أو «ميدل إيست آي».

لو طالعت ذلك الموقع ستجد غالبية تحليلاته ومواده الخبرية ومقالات الرأي مضبوطة على موجة الإخوان وحلفائهم. أما لو تابعت أداء «هيرست»، على مدار سنوات، فيمكنك أن تستنتج بسهولة الدوائر التي يرتبط بها وتكفي، مؤقتًا، الإشارة إلى مقال كتبه ونشرته الـ«جارديان»، في أغسطس 2012، عنوانه «محمد مرسي يغير ميزان القوى في مصر»، زعم فيه أن «الأمور في مصر تدعو للتفاؤل والأمل»، وشبَّه إقصاء المشير طنطاوي بالإطاحة بحسني مبارك، لأنه وفق زعمه أنهى ما وصفها بـ«المنظومة التي حكمت مصر لعقود طويلة»! وفي ذلك المقال، طالب «هيرست» الأطراف بـ«أن تحسن الظن بمحمد مرسي». ويكفي، مؤقتًا أيضًا، توضيح أنه أعلن انحيازه لحركة حماس في مقال نشره موقعه «ميدل إيست آي» في 7 سبتمبر 2016 وزعم فيه أن «حركة حماس ستفوز في أي انتخابات ستجرى، ومنظمة التحرير لم تعد الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني».

 

قد نتوقف قريبًا أمام ذلك «البريطاني» الذي يتخذ من بيروت مقرًا له ومركزًا لتحركاته، وسنعرض الأسباب التي دفعت دولًا عربية عديدة إلى منعه من دخولها في فترات مختلفة. وحتى يحدث ذلك، سنختصر تاريخه في أنه حافل بالأكاذيب والتدليسات ولي عنق الحقائق.

وهيا بنا نعود إلى موضوعنا، لنشير إلى أن هذا «البريطاني» سبق أن طرح في مقال، نشره موقعه، في 21 نوفمبر 2015، أسماء عدد من البدلاء للرئيس السيسي، ونقل عن مصدر وصفه بأنه أحد «أعضاء المعارضة المصرية» أنهم إذا كانوا يبحثون عن شخصية عسكرية، فإن سامي عنان هو الأفضل». وليس صعبًا أن تستنتج أن المصدر الذي يقصده «هيرست» هو أيمن نور!. وعلاقة الاثنين، لم تبدأ بذلك الحوار، المنشور في مارس 2015، والذي اتهم فيه أيمن نور، حمدين صباحي، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، بتلقي تمويل من الإمارات وإيران وحزب الله، قبل أن يستدرك ويزعم في «تغريدة» لاحقة على «تويتر»، أن الترجمة لم تكن دقيقة وأن كلامه تم انتزاعه من سياقه!.

علاقة الاثنين بدأت قبل ذلك الحوار بكثير، ونكرر أننا لا نبالغ لو قلنا إنهما ومعهما «سامي عنان» يحركهم «ريموت كنترول» واحد. ففي أواخر نوفمبر 2013، مثلًا، انبرى أيمن وهيرست للدفاع عن ثالثهما، حين طالته اتهامات بأنه المسئول عن فبركات أو تسريبات خرجت وقتها، واستبعدا الربط بين توقيت رفض لجنة شئون الأحزاب لحزبه، بتسريبات 5 ديسمبر 2013، وكذا الربط بين رفض هيئة المفوضين للحزب في 28 نوفمبر 2013 وتسريبات اليوم نفسه. أيضًا، في 26 يناير الماضي، زعم أيمن نور أن المملكة العربية السعودية تتمنى إزاحة «السيسي»، ونقل عنه موقع «هيرست» الملاكي أنه «على اتصال دائم بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قبل اعتلائه العرش»، مضيفًا أن «السعودية سوف تكون الآن فقط سعيدة لتولي سامي عنان قائد الجيش المصري السابق أو أي شخص آخر السلطة في مصر».

ويا سبحان الله، كانت العلاقة المتميزة بالسعوديين هي السبب الذي جعل اسم «عنان» على رأس قائمة البدلاء، التي أعاد «هيرست» طرحها، ووصفه بـ«الثعلب» في مقال نشره في 21 سبتمبر 2016 على موقعه الملاكي.

 

أرى البعض يفتح فمه مندهشًا، وأسمع ضحكات البعض الآخر، وأتوقع أن تتبع دهشة المندهشين وضحكات الضاحكين أصوات ضرب الكف بالكف مع عبارة «لا حول ولا قوة إلا بالله»!. وأقول لهؤلاء وهؤلاء إن المشير حسين طنطاوي كان موفقًا، إلا قليلًا، حين مر على ميدان التحرير وسأله مواطن: فين الفريق سامي عنان؟ فأجاب بأنه في البيت.. كبر بقى.

أما القليل الذي كان ينقص الإجابة، فهي كلمة واحدة اعتدنا سماعها بعد كلمة «كبر» مسبوقة بحرف الواو: كبر و..... واترك لك استنتاج ما حجبته النقط. ولا تنسى أن تترك «نقطة» تُنهي بها السطر!.