"دموع اللحظات الأخيرة".. رؤساء يودعون شعوبهم.. "أوباما" يتحدث لآخر مرة داخل البيت الأبيض.. "دا سيلفا" ترجى شعبه للبقاء.. و"عدلي منصور" يبكي في وداع المصريين
يكون صعبًا للغاية، ذلك اليوم الأخير الذي يقضيه أي رئيس منتهي ولايته داخل قصر حكمه الفائت، بعد أعوام قضاها رئيسًا لشعبه، ذو كلمة مسموعة ونفوذ واسعة، فيخرج عليهم في الساعات الأخيرة من اليوم ليلقي ما يشبه خطبة الوداع النهائية، بعضهم ذرف دموعه على عتبات الحكم، والبعض الآخر خط الحزن كل ملامحه.
"باراك أوباما"
ذلك اليوم قضاه الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" أمس الأربعاء، بعدما انتهت فترة ولايته وسلمها للجمهوري "دونالد ترامب" الذي قالت له الصناديق "نعم"، فألقى خطبة أخيرة له داخل البيت الأبيض، ودع فيها الشعب الأمريكي، وبدت ملامح الحزن واضحة عليه، ودفعت كثيرون للتأكيد بإنه على وشك البكاء.
"أعزائي الأميركيين.. أنا أودع البيت الأبيض بعد ثمان سنوات من الخدمة في المكتب العام".. بتلك الكلمات بدأ أوباما خطابه الأخير، الذي كان دبلوماسيًا بشكل كبير، تمنى فيه الخير والتعاون للإدارة الجديدة بكل مؤسساتها، وحيا أيضًا تجربة تداول السلطة.
فقال الأمريكي السابق: "قد كانت بلادنا في اللحظة التي انتخبتموني فيها رئيسًا، تقف على مفترق طرق، فأولادنا كانوا على خط النار في العراق وأفغانستان، واقتصادنا يعاني من ركود، إذ بلغ عجز الموازنة تريليون دولار، وبلغت نسبة البطالة 8%، لكنني أعدتها إلى 5%، وأزحنا "بن لادن" عن المشهد، ومنعنا إيران من صنع قنبلة نووية".
وتابع: "أأمل في أن يكون المستقبل جيد مع الرئاسة الجديدة، وسنبقى أنا وفريقي رهن أمريكا وشعبها، عملنا وسنعمل لصالحهم، فكل ما يحيط بكم هي بصمات خلفها فريقي جعلت المجتمع أفضل، ونحن فخورين بما فعلناه من انتقال للسلطة".
واختتم: "سأخرج من المكتب البيضاوي وقد وضعت أمريكا على مفترق طريق آخر، ولكنه مفترق للأمان والسلام، بارككم الرب، بارك الرب أمريكا".
"لولا دا سيلفا"
أوباما، ليس أول رئيس يودع شعبه، فخطابات الوداع شهدت دموع ومواقف مؤثرة للكثير من الرؤساء والزعماء، كان من بينهم الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا"، الذي غلبته دموعه وهي يلقيها خلال عام 2010، خاتمًا فترته الرئاسية التي استمرت نحو 7 سنوات.
فحين ألقى "سيلفا" خطبة الواداع، لم يستطع أن يقاوم دموعه، وتساقطت 3 مرات، أمام حشد من مواطنيه بمسقط رأسه في ولاية "بيرنامبوكو" التي ولد فيها فقيرًا قبل 65 عامًا، حيث سقطت الدموع الأولى من عينيه، حينما استحضر ذكريات نشأته وهو طفل فقير في إحدى المدن الريفية إلى أن وصل لرئاسة ثامن أكبر قوة اقتصادية في العالم.
والبكاء الثاني، كان تأثرًا بكلمات أحد شعراء سكان المنطقة تتحدث عن عرفانه بجميل الرئيس الذي حظى بأكبر قدر من المحبة، وأخيرًا قفزت أمام ذاكرة "داسيلفا" الهزائم الثلاثة المتتالية في 1989 و1994 و1998 التي تلقاها بالانتخابات الرئاسية.
وذرف الدمع مجددًا حينما استحضر ذكرى فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2002 قائلاً: "خسرت لأن جزءاً من الفقراء لم يكن لديهم ثقة في، ولكن حبي للشعب البرازيلي دفعني للنجاح، وهو ما يدفعني لحب البقاء راجيًا".
وأضاف: "في 1998 رجعت إلى المنزل وأخبرت زوجتي ماريسا بأنني حزين لأن الناس الذين أريد مساعدتهم يخافون مني، ولكنها قالت لي: حاول ثانية لأن هذا سيحقق نتيجة يوما ما، وكانت النتيجة الفوز فى عام 2002".
واختتم خطابه قائلًا: "لولا عون الله لما كان من الطبيعي لرجل فقير هرب من الجوع أن يصبح رئيسًا فأنا ابن الطبقة الكادحة، أشكر الله، وأتعهد بأن أكون في شوارع هذا البلد للمساعدة لحل مشكلات الناس".
"الزعيم الكوبي"
عام 2008، كان الشعب الكوبي على موعد مع خطاب عاطفي آخر، كان للزعيم الكوبي المتقاعد "فيدل كاسترو" الذي خصصه للتحدث عن الموت وأنه يشعر بدنو أجله، دون التطرق إلى انتهاء فترة ولايته في حكم كوبا.
وتحدث كاسترو أمام 1300 كوبيًا، واستمر خطابه لساعات طويلة، قائلًا: "قريبًا سيكون عمري 90 عامًا، قريبا سأكون مثل الآخرين، الكل يأتي دوره، لعل هذه ستكون واحدة من المرات الأخيرة التي أتحدث لأنني أشعر بدون أجلي، لكن أفكار الشيوعيين الكوبيين ستبقى دليلًا على إنني موجود".
وحين ترددت الهتافات تنطق باسمه "فيدل فيدل"، بكى الزعيم الكوبي كثيرًا، لاسيما أنه لم يستطع الوقوف على قدميه بل ظل قاعدًا منهكًا من المرض، ولم يقف حين وقف الجميع تكريمًا له، ما دفع كثيرون من الشعب الكوبي للبكاء تأثرًا بحالته الصحية.
"ديفيد كاميرون"
الضربة الكبرى التي أصابت بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبي، دفعت "ديفيد كاميرون" الزعيم البريطاني ورئيس الوزراء إلى البكاء، بعدما قدم استقالته عقب القرار مباشرة، وألقى خطبة عصماء له أمام الشعب البريطاني.
الخطاب كان عاطفي بالدرجة الأولى، خرج فيها صوت "ديفيد" مرتعشَا مليء بالدموع، حين قال: "
لا أعتقد أنه سيكون من المناسب لي أن أكون القبطان الذي يقود بلادنا إلى وجهتها المقبلة»، محاولًا حبس دموعه خلال إشارته إلى إنه لن يرحل فورًا، لكنه سيبحث ضبط السفينة وتهدئة الأسواق المالية.
وأوضح أنه فخور بالسنوات التي أمضها كرئيس لوزراء بريطانيا، مشددًا على أنه لن يتراجع، وأنه كان واضحًا حول إيمانه بأن بريطانيا أقوى وأكثر أمانًا، وأفضل داخل الاتحاد الأوروبي.
"عدلي منصور"
وكان لمصر نصيبًا من خطابات وداع الرؤساء، حيث تعيد هذه الوقائع للأذهان خطاب الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، الذي ألقاه للشعب المصري قبل أن يسلم السلطة، للرئيس عبدالفتاح السيسي، لأول مرة في تاريخ مصر، بإن يسلم رئيس السلطة لآخر، وغلبته دموعه فيه أكثر من مرة.
خطاب "منصور" تضمن كلمات تتسم بالحزن، حين قال: "حديثى اليوم حديث وداع، ويحزنني حالة من الانفلات الاخلاقي بدأت تلوح بالاستخفاف بمنظومتنا القيمية، وعودة مصر إلى مكانها الرائد إقليميًا لن يأتي إلى بإصلاح الداخل أولًا".
وكادت أن تغلبه دموعه حين قال: "ربما تكون هذه المرة الأولي في التاريخ التي يشتعل فيها محيطنا بكافة جهاته فاعتصموا بحبل الله، أيها المصريون، كونوا على قدر المسئولية، واعتبروا من تجارب الآخرين حولكم".
وعن فترة حكمه قال: "لقد تحملت مسئوليات صعبة وفاء لأفضال الوطن وعملت على ديمقراطية اتخاذ القرار، وحرصت على أن أكون رئيسًا لكل المصريين، ولقد واجهت مهمة صعبة ومسؤولية كبيرة خلال فترة رئاستي للجمهورية، وعرضت نفسي وأسرتي لقيود أمنية واجتماعية.. وها أنذا استودعكم الله".