رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

‏"دموع اللحظات الأخيرة".. رؤساء يودعون شعوبهم.. "أوباما" يتحدث لآخر مرة داخل البيت الأبيض.. ‏‏"دا سيلفا" ترجى شعبه للبقاء.. و"عدلي منصور" يبكي في وداع المصريين

جريدة الدستور

يكون صعبًا للغاية، ذلك اليوم الأخير الذي يقضيه أي رئيس منتهي ولايته داخل قصر حكمه الفائت، بعد ‏أعوام قضاها رئيسًا لشعبه، ذو كلمة مسموعة ونفوذ واسعة، فيخرج عليهم في الساعات الأخيرة من اليوم ‏ليلقي ما يشبه خطبة الوداع النهائية، بعضهم ذرف دموعه على عتبات الحكم، والبعض الآخر خط الحزن كل ‏ملامحه.‏

‏"باراك أوباما"‏
ذلك اليوم قضاه الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" أمس الأربعاء، بعدما انتهت فترة ولايته وسلمها ‏للجمهوري "دونالد ترامب" الذي قالت له الصناديق "نعم"، فألقى خطبة أخيرة له داخل البيت الأبيض، ‏ودع فيها الشعب الأمريكي، وبدت ملامح الحزن واضحة عليه، ودفعت كثيرون للتأكيد بإنه على وشك ‏البكاء.‏

‏"أعزائي الأميركيين.. أنا أودع البيت الأبيض بعد ثمان سنوات من الخدمة في المكتب العام".. بتلك ‏الكلمات بدأ أوباما خطابه الأخير، الذي كان دبلوماسيًا بشكل كبير، تمنى فيه الخير والتعاون للإدارة ‏الجديدة بكل مؤسساتها، وحيا أيضًا تجربة تداول السلطة.‏

فقال الأمريكي السابق: "قد كانت بلادنا في اللحظة التي انتخبتموني فيها رئيسًا، تقف على مفترق طرق، ‏فأولادنا كانوا على خط النار في العراق وأفغانستان، واقتصادنا يعاني من ركود، إذ بلغ عجز الموازنة ‏تريليون دولار، وبلغت نسبة البطالة 8%، لكنني أعدتها إلى 5%، وأزحنا "بن لادن" عن المشهد، ومنعنا ‏إيران من صنع قنبلة نووية".‏

وتابع: "أأمل في أن يكون المستقبل جيد مع الرئاسة الجديدة، وسنبقى أنا وفريقي رهن أمريكا وشعبها، ‏عملنا وسنعمل لصالحهم، فكل ما يحيط بكم هي بصمات خلفها فريقي جعلت المجتمع أفضل، ونحن ‏فخورين بما فعلناه من انتقال للسلطة".‏

واختتم: "سأخرج من المكتب البيضاوي وقد وضعت أمريكا على مفترق طريق آخر، ولكنه مفترق للأمان ‏والسلام، بارككم الرب، بارك الرب أمريكا"‏‎.‎

‏"لولا دا سيلفا"‏
أوباما، ليس أول رئيس يودع شعبه، فخطابات الوداع شهدت دموع ومواقف مؤثرة للكثير من الرؤساء ‏والزعماء، كان من بينهم الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا"، الذي غلبته دموعه وهي يلقيها خلال عام ‏‏2010، خاتمًا فترته الرئاسية التي استمرت نحو ‏7 سنوات.

فحين ألقى "سيلفا" خطبة الواداع، لم يستطع أن يقاوم دموعه، وتساقطت 3 مرات، أمام حشد من ‏مواطنيه بمسقط رأسه في ولاية "بيرنامبوكو" التي ولد فيها فقيرًا قبل 65 عامًا، حيث سقطت الدموع ‏الأولى من عينيه، حينما استحضر ذكريات نشأته وهو طفل فقير في إحدى المدن الريفية إلى أن وصل ‏لرئاسة ثامن أكبر قوة اقتصادية في العالم.‏

والبكاء الثاني، كان تأثرًا بكلمات أحد شعراء سكان المنطقة تتحدث عن عرفانه بجميل الرئيس الذي حظى ‏بأكبر قدر من المحبة، وأخيرًا قفزت أمام ذاكرة "داسيلفا" الهزائم الثلاثة المتتالية في 1989 و1994 ‏و1998 التي تلقاها بالانتخابات الرئاسية.‏

وذرف الدمع مجددًا حينما استحضر ذكرى فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2002 قائلاً: "خسرت لأن ‏جزءاً من الفقراء لم يكن لديهم ثقة في، ولكن حبي للشعب البرازيلي دفعني للنجاح، وهو ما يدفعني لحب ‏البقاء راجيًا".‏

وأضاف: "في 1998 رجعت إلى المنزل وأخبرت زوجتي ماريسا بأنني حزين لأن الناس الذين أريد ‏مساعدتهم يخافون مني، ولكنها قالت لي: حاول ثانية لأن هذا سيحقق نتيجة يوما ما، وكانت النتيجة ‏الفوز فى عام 2002".‏

واختتم خطابه قائلًا: "لولا عون الله لما كان من الطبيعي لرجل فقير هرب من الجوع أن يصبح رئيسًا فأنا ‏ابن الطبقة الكادحة، أشكر الله، وأتعهد بأن أكون في شوارع هذا البلد للمساعدة لحل مشكلات الناس".‏

‏"الزعيم الكوبي"‏‎ ‎
عام 2008، كان الشعب الكوبي على موعد مع خطاب عاطفي آخر، كان للزعيم الكوبي المتقاعد "فيدل ‏كاسترو" الذي خصصه للتحدث عن الموت وأنه يشعر بدنو أجله، دون التطرق إلى انتهاء فترة ولايته ‏في حكم كوبا.‏

وتحدث كاسترو أمام 1300 كوبيًا، واستمر خطابه لساعات طويلة، قائلًا: "قريبًا سيكون عمري 90 ‏عامًا، قريبا سأكون مثل الآخرين، الكل يأتي دوره، لعل هذه ستكون واحدة من المرات الأخيرة التي ‏أتحدث لأنني أشعر بدون أجلي، لكن أفكار الشيوعيين الكوبيين ستبقى دليلًا على إنني موجود"‏‎.‎

وحين ترددت الهتافات تنطق باسمه "فيدل فيدل"، بكى الزعيم الكوبي كثيرًا، لاسيما أنه لم يستطع ‏الوقوف على قدميه بل ظل قاعدًا منهكًا من المرض، ولم يقف حين وقف الجميع تكريمًا له، ما دفع ‏كثيرون من الشعب الكوبي للبكاء تأثرًا بحالته الصحية.‏

‏"ديفيد كاميرون"‏
الضربة الكبرى التي أصابت بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبي، دفعت "ديفيد كاميرون" الزعيم ‏البريطاني ورئيس الوزراء إلى البكاء، بعدما قدم استقالته عقب القرار مباشرة، وألقى خطبة عصماء له ‏أمام الشعب البريطاني.‏

الخطاب كان عاطفي بالدرجة الأولى، خرج فيها صوت "ديفيد" مرتعشَا مليء بالدموع، حين قال: "‏‎
لا أعتقد أنه سيكون من المناسب لي أن أكون القبطان الذي يقود بلادنا إلى وجهتها المقبلة»، محاولًا ‏حبس دموعه خلال إشارته إلى إنه لن يرحل فورًا، لكنه سيبحث ضبط السفينة وتهدئة الأسواق المالية.‏‎

وأوضح أنه فخور بالسنوات التي أمضها كرئيس لوزراء بريطانيا، مشددًا على أنه لن يتراجع، وأنه كان ‏واضحًا حول إيمانه بأن بريطانيا أقوى وأكثر أمانًا، وأفضل داخل الاتحاد الأوروبي‎.‎

‏"عدلي منصور"‏
وكان لمصر نصيبًا من خطابات وداع الرؤساء، حيث تعيد هذه الوقائع للأذهان خطاب الرئيس المؤقت ‏المستشار عدلي منصور، الذي ألقاه للشعب المصري قبل أن يسلم السلطة، للرئيس عبدالفتاح السيسي، ‏لأول مرة في تاريخ مصر، بإن يسلم رئيس السلطة لآخر، وغلبته دموعه فيه أكثر من مرة.

خطاب "منصور" تضمن كلمات تتسم بالحزن، حين قال: "حديثى اليوم حديث وداع، ويحزنني حالة من ‏الانفلات الاخلاقي بدأت تلوح بالاستخفاف بمنظومتنا القيمية، وعودة مصر إلى مكانها الرائد إقليميًا لن ‏يأتي إلى بإصلاح الداخل أولًا".‏

وكادت أن تغلبه دموعه حين قال: "ربما تكون هذه المرة الأولي في التاريخ التي يشتعل فيها محيطنا ‏بكافة جهاته فاعتصموا بحبل الله، أيها المصريون، كونوا على قدر المسئولية، واعتبروا من تجارب ‏الآخرين حولكم".‏‎

وعن فترة حكمه قال: "لقد تحملت مسئوليات صعبة وفاء لأفضال الوطن وعملت على ديمقراطية اتخاذ ‏القرار، وحرصت على أن أكون رئيسًا لكل المصريين، ولقد واجهت مهمة صعبة ومسؤولية كبيرة خلال ‏فترة رئاستي للجمهورية، وعرضت نفسي وأسرتي لقيود أمنية واجتماعية.‏‎.‎‏ وها أنذا استودعكم الله".‏‎